شباب الختمية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
شباب الختمية

منتدى شباب الختم يتناول قضايا الشباب وفعالياتهم


    سورة الكهف مكية وآياتها مائة و عشر آيات

    Admin
    Admin
    Admin


    المساهمات : 1949
    تاريخ التسجيل : 10/01/2008

    سورة الكهف مكية وآياتها مائة و عشر آيات Empty سورة الكهف مكية وآياتها مائة و عشر آيات

    مُساهمة  Admin الثلاثاء يناير 22, 2013 8:09 pm

    سورة الكهف مكية وآياتها مائة و عشر آيات
    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
    (بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله) ثناء لله (الذي أنزل) رحمة بالخلق (على عبده) محمد عليه الصلاة و السلام (الكتاب) القرآن وقد لقن الحق عباده كيف يثنون على عظيم جنابه على ما أولاهم من النعم وأعظمها المصطفى عليه الصلاة و السلام و القرآن اللذان هما أكبر النعم و الحمد على جميع النعم مطلوب لأنه الأمان من زوالها كما في حديث الحمد على النعمة أمان لزوالها رواه الديلمي (ولم يجعل له) أي في القرآن (عوجا) تناقضا باختلاف في اللفظ أو تناف في المعنى (قيما) مستقيما) وقرئ مخففا (لينذر) بالقرآن ويخوف من خالفه (بأسا) عذابا (شديدا) وكيف لا يكون شديدا وهو مظهر غضبه (من لدنه) من قبله (ويبشر المؤمنين) به وبرسوله (الذين يعملون الصالحات) طلبا لوجهه الكريم (أن لهم أجرا حسنا) من خزائن فيضه (ما كثين فيه أبدا) وهو الجنة التي لا آخر لها (و ينذر) يخوف (الذين قالوا اتخذ الله ولدا) وهم الكفار (مالهم به) بهذا القول (من علم) له أصل بل هو جهل وافتراء وتعد ، تعالى الله عن ذلك (و لا لآبائهم) بل هم مثلهم ضالون (كبرت) عظمت (كلمة) وقرئ بالرفع (تخرج من أفواههم) وهي نسبة الولد إلي الله (إن يقولون) ما يقول الكفار (إلا كذبا) مفترى على الله (فلعلك) أيها النبي العظيم (باخع) قاتل


    (نفسك) الكريمة (على آثارهم) بعد أن تولوا عنك (إن لم يؤمنوا) أعداء الله (بهذا الحديث) القرآن (أسفا) حزنا (إنا جعلنا) بكمال حكمتنا (ما على الأرض) من حيوان ونبات و ما يخرج منها وغيرها (زينة لها) ولأهلها (لنبلوهم) نعاملهم معاملة المختبر (أيهم أحسن عملا) زهدا فيها وإنفاق ما حصل منها في الوجوه المرضية (وإنا لجاعلون ما عليها) الضمير للأرض (صعيدا جرزا) أي نعيد ما عليها من الزينة ترابا كالصعيد الأملس الذي لا نبات فيه (أم) بل (حسبت) ظننت (أن أصحاب الكهف) المغارة التي في الجبل (و الرقيم لانبات فيه (أم) بل (حسبت) ظننت (أن أصحاب الكهف) المغارة التي في الجبل (و الرقيم كانوا من آياتنا) الدالة على كمال قدرتنا (عجبا) و أصحاب الرقيم هم قوم آخرون وقصتهم على ما رواه النعمان بن بشير الأنصاري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يذكر الرقيم قال إن ثلاثة نفر خرجوا مرتادين لأهلهم فبينما هم يمشون إذ أصابتهم السماء فآووا إلي الكهف فانحطت صخرة من الجبل فانطبقت على باب الكهف فأوصدت عليهم فقال قائل منهم اذكروا أيكم أحسن عملا لعل الله برحمته أن يرحمنا فقال رجل منهم إني قد عملت حسنة مرة فكان لي أجراء يعملون عملا لي استأجرت كل رجل منهم في نهاره بأجرة معلومة فجاءني رجل منهم ذات يوم و سط النهار فاستأجرته بشطر أصحابه فعمل في بقية نهاره كما عمل رجل منهم في نهاره كله فرأيت في عمله فأعطيته مثل أجرهم فقال رجل منهم أتعطي هذا مثل ما أعطيتني و لم يعمل إلا نصف النهار فقلت يا عبد الله لم أبخسك شيئا من شرطك و إنما هو مالي أحكم فيه بما شئت فغضب وترك أجره فوضعت حقه في جانب من البيت ما شاء الله ثم مرت بي بعد ذلك بقر فاشتريت له بها فصيلة من البقر فبغلت ما شاء الله فمر بي بعد حين رجل شيخ كبير لا أعرفه فقال إن لي عندك حقا فذكرنيه حتى عرفته فقلت له إياك أبغي وهذا حقك وعرضتها عليه جميعا فقال يا عبد الله لا تسخر بي إن تصدق على فأعطني حقي قلت و الله ما أسخر بك إنها لحقك ما لي فيها شئ فدفعتها إليه جميعا اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك لوجهك فافرج عنا ففرج عنهم حتى رأوا الضوء ، وقال الآخر قد عملت حسنة مرة كان لي فضل و أصابت الناس شدة فجاءتني امرأة تطلب مني معروفا فقلت و الله ما هو دون نفسك فأبت على وذهبت و ذكر نحو ذلك ثلاث مرات ثم قال أسلمت إلي


    نفسها فلما كشفتها وهممت بها ارتعدت من تحتي فقلت لها ما شأنك فقالت إني أخاف الله رب العالمين فقلت لها أخفتيه في الشدة و لم أخفه في الرخاء و أعطيتها ما يحق على بما كشفتها اللهم إن كنت فعلت ذلك لوجهك فافرج عنا فانصدع حتى عرفوا وتبين لهم و قال الآخر قد علمت حسنة مرة كان لي أبوان شيخان كبيران وكان لي غنم فكنت أطعم أبوي و أسقيهما ثم أرجع إلي غنمي فأصابني ذات يوم غيث فحبسني حتى أمسيت فأتيت أهلي و أخذت محلبي فحلبت غنمي وتركتها قائمة ومضيت إلي أبوي فوجدتهما قد ناما فشق على أن أوقظهما و شق على إن تركت غنمي فما برحت جالسا و محلبي على يدي حتى أيقظهما الصبح فسقيتهما اللهم إن كنت فعلت ذلك لوجهك فافرج عنا قال النعمان لكأني أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الجبل طاق طاق ففرج الله عنهم فخرجوا ذكر القصة الثعلبي في تفسيره و للبخاري و مسلم نحو القصة فانظر أيها العبد ما أنتج العمل الصالح فاعمل صالحا تجد خيرا في الدارين ثم ذكر الحق قصة أصحاب الكهف فقال (إذ أوى الفتية) جمع فتى و هو الشاب الكامل و فيها يقول الجنيد الفتوة بذل الندى وكف الاذى و كانوا سبعة (1) و أسماؤهم مكسلمينا و محليينا و يمليخا و طرطوس و يبروس و مكروس و دونواس خرجوا من ملكهم دقيانوس هاربين حين هددهم بالقتل إن لم يعبدوا الأصنام (إلي الكهف) مغارة في الجبل (فقالوا) مستغيثين (ربنا آتنا) أعطنا (من لدنك) من قبلك (رحمة) نسلم بها من العدو (وهيئ) أصلح (لنا من أمرنا رشدا) أرشدنا في جميع أمورنا (فضربنا على آذانهم) ألقينا عليهم النوم (في الكهف سنين عددا) معدودة (ثم بعثناهم) أيقظناهم من نومهم (لنعلم) علم مشاهدة (أي الحزبين) المختلفين في زمان لبثهم في الكهف نا ئمين (أحصى) أحفظ (لما لبثوا) مكثوا (أمدا) غاية (نحن نقص عليك) أيها النبي الكريم (نبأهم) خبرهم (بالحق) بالصدق (إنهم فتية) جمع فتى

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) قوله و أسماؤهم سبعة الخ هكذا في الأصول التي بأيدينا وحر ر هذه الأسماء ففيها اختلاف كثير يعلم بمراجعة البيضاوي و القاموس و غيرهما اهـ مصحح.


    (آمنوا بربهم) بلا واسطة (وزدناهم هدى) إيمانا و يقينا (و ربطنا على قلوبهم) شددنا بالصبر عليها (إذ قاموا) بين يدي دقيانوس (فقالوا) حين أمرهم بعبادة الأصنام (ربنا رب السموات و الأرض) المستحق أن يعبد (لن ندعو) لن نعبد (من دونه إلها) إن فعلنا ذلك (لقد قلنا إذا شططا) إفراطا في الكفر (هؤلاء قومنا) أي أهل بلدهم (اتخذوا) أي عبدوا (من دونه) أي من دون الله (آلهة) أصناما (لولا) هلا (يأتون عليهم) على عبادتهم لها (بسلطان) بحجة و برهان (بين) و اضح (فمن أظلم) لا أحد أظلم (ممن أفترى على الله كذبا) فنسب له و لدا وشريكا (و إذ اعتزلتموهم) أي القوم (و ما يعبدون) من دون الله (إلا الله) فهو الحقيق بأن يعبد و في مصحف عبد الله و ما يعبدون من دون الله (فأووا) صيروا (إلي الكهف ينشر) يبسط (لكم ربكم من رحمته) في الدارين (و يهيء) ييسر (لكم من أمركم مرفقا) ما ترتفقون به من الرزق الرغد و قرئ بفتح الميم و كسر الفاء (و ترى الشمس) أيها النبي الكريم (إذا طلعت) أشرقت و ارتفعت (تزاور) تميل و قرئ مخففا (عن كهفهم ذات) جانب (اليمين و إذا غربت تقرضهم) تتركهم (ذات الشمال) فلا تصيبهم البتة ( وهم في فجوة) متسع (منه) الضمير للكهف فيدخل عليهم نسيم بارد (ذلك) أمر الفتية (من آيات الله) عجائب صنعه (من يهد الله) إلي سبيله (فهو المهتد) للصواب




    (ومن يضلل) عن هديه (فلن تجد) تلقى (له و ليا مرشدا) فمن خذله الله فلا ناصر له (و تحسبهم) لو رأيتهم (أيقاظا) منتبهين بفتح عيونهم (و هم رقود) أي نيام (و نقلبهم) في كل عام مرة (ذات اليمين) على الجانب الأيمن (و ذات الشمال) على الجانب الأيسر لئلا تأكل الأرض لحومهم (و كلبهم) المسمى بقطمير و هو كلب راع تبعهم فطردوه فقال إني أحب أحباء الله فناموا و أنا أحرسكم و قرئ و كالبهم (باسط ذراعيه) يديه (بالوصيد) بفناء الكهف قريبا من الباب (لو اطلعت عليهم) وقرئ لو بضم الواو (لوليت منهم فرارا) لهربت منهم لما ألبسهم الله من الجلال و الهيبة (و لملئت منهم رعبا) خوفا و قرئ ملئت مشددا و قرئ رعبا بضم العين (و كذلك) كما أنمناهم في الكهف و حفظنا ثيابهم و أجسامهم مع طول الزمن (بعثناهم) من نومهم (ليتساءلوا) ليتحدثوا (بينهم) ليسأل بعضهم بعضا (قال قائل منهم) و هو مكسلمينا (كم لبثتم) في نومكم (قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم) لأنهم دخلوا الكهف غدوة فلما رأوا الشمس قالوا أو بعض يوم توقيا من الكذب (قالوا ربكم أعلم بما لبثتم) بمدة لبثكم (فابعثوا أحدكم بورقكم) وقرئ بسكون الراء وهي الفضة (هذه إلي المدينة) مدينة طرطوس (فلينظر أيها أزكى طعاما) قال ابن عباس أحل ذبيحة لأن أمتهم كانوا مجوسا (فليأتكم برزق منه) تتقوتون به (و ليتلطف) و ليرفق في الشراء و في دخول المدينة (و لا يشعرن) يعلمن (بكم أحدا) من الناس (إنهم) دقيانوس و أهل بلده (إن يظهروا عليكم) يعلموا مكانكم


    (يرجموكم) يقتلوكم بالرجم (أو يعيدوكم في ملتهم) في دينهم الكفر (ولن تفلحوا إذا أبدا) إن عدتم إليهم (وكذلك) كما بعثناههم (أعثرنا) أطلعنا (عليهم) قومهم و المؤمنين (ليعلموا) قومهم (أن و عد الله) بالبعث (حق) لأن من قدر على بقائهم بلا غذاء هذه المدة الطويلة قادر على إحياء الموتى (و أن الساعة) القيامة آتية (لا ريب) لا شك (فيها) في إمكانها (إذ يتنازعون بينهم) المسلمون و الكفار (أمرهم) أمر دينهم لأجل البناء عليهم (فقالوا) الكفار (ابنوا عليهم بنيانا) أحيطوهم به (ربهم أعلم بهم) على أي دين كانوا (قال الذين غلبوا على أمرهم) أي المؤمنون لأنهم حكموا بإيمان الفتية (لنتخذن عليهم) حولهم (مسجدا) لأنهم على ديننا (سيقولون) المتنازعون في عددهم في زمن نبينا محمد صلى الله عليه و سلم فقال بعض النصارى (ثلاثة رابعهم كلبهم) أي التابع لهم (و يقولون) أي و قال بعض النصارى أيضا (خمسة سادسهم كلبهم) وكلا الفريقين نصارى نجران (رجما بالغيب) قذفا بالظن من غير تحقيق و هم كاذبون (و يقولون) و قال المؤمنون (سبعة و ثامنهم كلبهم) و صدقهم الله بأنه لم يجعل قولهم من الرجم بالغيب (قل ربي أعلم بعدتهم) المطلع على كل شئ (ما يعلمهم إلا قليل) قال ابن عباس أنا من أولئك القليل وهم سبعة و مرت تسمينهم (فلا تمار) تجادل (فيهم إلا مراء ظاهرا) وهو ما نصيناه لك في كتابنا (و لا تستفت) عنهم (فيهم) في أمر الفتية




    (منهم) من الكفار (أحدا) ولما سألوه صلى الله عليه وسلم عنهم وعن الروح وذي القرنين قال أجيبكم غذا ولم يقل إن شاء الله فنزل (و لا تقولن لشئ) تريد فعله (إني فاعل ذلك غدا) في مستقبل الزمان (إلا أن يشاء الله) إلا أن تستثني بالمشيئة وفي الخبر قال صلى الله عليه و سلم لا يتم كلام العبد حتى يستثني في كلامه (و اذكر ربك إذا نسيت) قال ابن عباس إذا نسيت الاستثناء ثم ذكرته فاستثن (وقل عسى أن يهدين ربي) لمعرفة حقائق الأمور و طرقها (لأقرب من هذا) خبر المسئول عنه (رشدا) هداية و قد أعطاه الله ذلك و غيره من المغيبات التي لا تحصرها الطروس (و لبثوا) أصحاب الكهف (في كهفهم ثلثمائة) بالتنوين (سنين وازدادوا تسعا) هكذا قال أهل الكتاب ورد الله عليهم فقال (قل) لهم أيها النبي الكريم (الله أعلم بما لبثوا) منذ قبض أرواحهم إلي يومنا هذا لا يعلمهم إلا هو ومن أعلمه (له) سبحانه (غيب السموات و الأرض) ما غاب فيهما عن العباد (أبصر به) جل شأنه ما أبصره (,أسمع) به سبحانه ما أسمعه (مالهم) الشضمير لأهل السموات و الأرض (من دونه) غيره (من ولي) يتولى أمرهم (و لا يشرك) وقرئ و لا تشرك بالتاء و الجزم على أنه نهى (في حكمه) في قضائه (أحدا) و هو الغني الحميد (و اتل ما أوحي إليك) أيها النبي (من كتاب ربك) أعمل به وادرسه (لا مبدل لكلماته) لا مغير لها

    (و لن تجد من دونه ملتحدا) ملجأ (واصبر) احبس وثبت (نفسك) الشريفة (مع الذين يدعون ربهم) يذكرونه (بالغداة و العشي) أي طرفي النهار بل جل أوقاتهم وهم الفقراء المساكين المقبلون على الله بكليتهم الذين بعبادتهم (يريدون) يطلبون (وجهه) لا رياء و لا سمعة و لاطلب غرض دنيوي و لما حثه الله صلى الله عليه و سلم على الصبر معهم وجالشتهم و إيوائهم حثنا هو فقال عليه الصلاة و السلام تواضعوا وجالسوا المساكين تكونوا من كبراء الله وتخرجوا من الكبر رواه أبو نعيم في الحلية (و لا تعد) تجاوز (عيناك عنهم) وقرئ و لا تعد عينيك وقرئ و لا تعد من أعداه وعداه (تريد زينة الحياة الدنيا) من مجالسة الأغنياء و النظر لدنياهم رجاء أن يبذلوها إن أسلموا في مراضي الحق وفي الآية تحذير عن الميل إلي الدنيا و الاشتغال بها لكل مؤمن (و لا تطع) في هذا (من أغفلنا قلبه) لأنه غافل (عن ذكرنا) من الدبرين عن الله وفي صحيح مسلم قال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم اطرد هؤلاء يجترئون علينا يريدون فقراء المسلمين فوقع في نفس رسول الله صلى الله عليه و سلم اطرد هؤلاء يجترئون علينا يريدون فقراء المسلمين فوقع في نفس رسول الله صلى الله عليه و سلم ما شاء الله أن يقع فحدث نفسه فأنزل الله تعالى و لا تطرد الذين يدعون ربهم الآية الحديث بطوله (واتبع هواه) و أعرض عن مولاه (وكان أمره فرطا) هلاكا (وقل) لمن طلبوا منك طرد فقراء المؤمنين (الحق من ربكم) هذا الإسلام وهذه معاملته (فمن شاء) الإيمان (فليؤمن ومن شاء) الكفر (فليكفر) فإن معاملة الإيمان لا تختل و إن كفرتم فوبال كفركم عليكم وفي الآية تهديد و لذا قال (إنا أعتدنا) هيأنا (للظالمين) الكافرين)


    (نار أحاط بهم سرادقها) حجراتها التي حولها (و إن يستغيثوا) من العطش (يغاثوا بماء كالمهل) كمذاب الرصاص في الحرارة (يشوي الوجوه) إذا قرب للشرب من حره (بئس الشراب) هذا (وساءت) بئست النار (مرتفقا) منزلا و هو مقابل لقوله في الجنة وحسنت مرتفقا و إلا فلا ارتفاق في النار لأهلها (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات) لوجه الله (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) أخلص فيها (أولئك لهم جنات عدن) دار إقامة وفي الحديث قال صلى الله عليه و سلم خلق الله جنة عدن و غرس أشجارها بيده فقال لها تكلمي فقالت قد أفلح المؤمنون رواه الحاكم (تجري من تحتهم الأنهار) بالأنواع الأربعة (يحلون فيها) الضمير للجنة (من أساور من ذهب) لكل واحد سواران منه (و يلبسون ثيابا خضرا) لأن الخضرة أحسن الألوان (من سندس) وهو مارق من الديباج (و استبرق) وهو ما غلظ منه وهو البطائن كما في سورة الرحمن بطائنها من استبرق (متكئين فيها على الأرائك) السرر جوف الحجال و هو البيت المزين بالستور للعروس (نعم الثواب) الجنة (وحسنت) الأرائك (مرتفقا) متكأ (و ضرب لهم) للكافر و المؤمن (مثلا رجلين) من العباد (جعلنا لأحدهما) و هو الكافر (جنتين) بساتين (من أعناب) جمع عنب (وحففناهما بنخل) جعلنا النخل محيطا بهما (وجعلنا بينهما) و سطهما (زرعا) للقوت (كلتا الجنتين) كل منهما

    (آتت أكلها) أدت ثمرها وقرئ كل الجنتين آتى أكله (و لم تظلم) تنقص (منه) من الأكل (شيئا) مما يعهد في سائر البساتين (وفجرنا) أخرجنا (خلالهما) بينهما (نهرا) ليكونا في غاية الري (وكان له) من المال (ثمر) غير الجنتين وقرئ بضم الثاء و الميم (فقال) الكافر (لصاحبه) المؤمن (و هو يحاوره) ويفتخر عليه (أنا أكثر منك مالا) فإنه ليس لك مثل مالي هذا (وأعز نفرا) حشما و أعوانا (ودخل جنته) بصاحبه يريه ما فيها و يطوف به في نواحيها و يفتخر عليه (و هو ظالم لنفسه) بعجبه و كفره بالمنعم (قال ما أظن تبيد) أي تفنى (هذه) الجنان (أبدا) و ذلك لاغتراره بالدنيا (و ما أظن الساعة قائمة) أي القيامة تقوم (و لئن رددت) رجعت (إلي ربي) بالبعث (لأجدن خيرا منها) و قرئ منهما (منقلبا) مرجعا و ذلك ظنا منه أنه لما و سع عليه في الدنيا يوسع عليه في الآخرة و ما علم أن ذلك لا يكون إلا مع الإيمان و الشكر للنعم (قال له صاحبه) المؤمن (و هو يحاوره) يجاوبه (أكفرت بالذي خلقك) ابتداء (من تراب) فإنك من آدم و آدم من تراب (ثم من نطفة) خرجت من أبويك (ثم سواك) عدلك و صيرك (رجلا) إنسانا ذكرا (لكنا) أي لكن أنا و قرئ لكن أنا (هو الله ربي) وقرئ لكن أنا لا إله إلا هو ربي (و لا أشرك بربي أحدا) لا أتخذ له شريكا (و لولا) هلا (إذ دخلت جنتك) التي أعجبت بها (قلت) حين أعجبتك (ما شاء الله) أي بمشيئة الله هي




    ( لا قوة إلا بالله) لا يقوى أحد على مثل هذا إلا بالله وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم من أعطى خيرا من أهل أو مال فيقول عند ذلك ما شاء الله لا قوة إلا بالله لم ير فيه مكروها (إن ترن) هذا قول المؤمن (أنا أقل منك مالا وو لدا) و هو رد لقول الكافر أنا أكثر منك مالا و أعز نفرا (فعسى ربي أن يؤتين) على إيماني و عدم عجبي (خيرا من جنتك) في الدارين (و يرسل عليها) على جنتك لكفرك (حسبانا) أي صواعق (من السماء) نقمة بك (فتصبح صعيدا زلقا) أرضا ملساء لا نبات بها و لا شجر (أو يصبح ماؤها غورا) غائرا في الأرض (فلن تستيع له طلبا) تجد حيلة ترده بها (و أحيط بثمره) فدمرت هي و أمواله و قرئ بضم الثاء و الميم (فأصبح) الكافر (يقلب كفيه) ظهرا لبطن ندما على ما جرى منه (على ما أنفق فيها) في عمارتها من الأموال ( وهي خاوية) ساقطة (على عروشها) جمع عرش و هو بيت من جريد أو أعواد يجعل فوقه الثمار فسقطت الفواكه من فوقها (و يقول) أيضا الكافر (ياليتني لم أشرك بربي أحدا) وعلم أن ما أتاه من قبل الشرك (و لم تكن له) للكافر (فئة) جماعة و قرئ بالياء (ينصرونه) ينقذونه (من دون الله) حين الهلاك (وما كان منتصرا) بنفسه (هنالك) يوم القيامة (الولاية لله الحق) يأخذ بيد المؤمنين و يخذل الكافرين (هو خير ثوابا) لأوليائه (و خير عقبا) لهم و قرئ عقبا بالسكون فليتوق كل عبد من العجب بدنياه إذا زهت له (و اضرب) أيها النبي الكريم (لهم) للعباد



    (مثل الحياة الدنيا) عمارتها و زهرتها و سرعة الزوال و التغير (كما ءأنزلناه من السماء) لإحياء الأرض (فاختلط به نبات الأرض) التف بسببه وتكاثف من كثرته (فأصبح) النبات (هشيما) مهشوما مكسورا (تذوره) وقرئ تذريه (الرياح) أي تفرقه (وكان الله على كل شيء مقتدرا) من الإنشاء والإفناء و ينبغي للعاقل أن لا يغتر بالدنيا حيث كانت مثل هذا (المال و البنون) لأولاد آدم (زينة الحياة الدنيا) يتجملون بهما فيها (و الباقيات الصالحات) و في الحديث عنه صلى الله عليه و سلم استكثروا من الباقيات الصالحات التسبيح و التهليل و التحميد و التكبير و لاحول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم رواه أحمد وغيره (خير) لأولاد آدم (عند ربك) من المال و البنين (ثوابا) في العاقبة (و خير أملا) أي خير ما يؤمله الإنسان (و يوم نسير الجبال) نذهبها عن وجه الأرض و نذرها هباء منثورا وقرئ بالتاء المثناه و فتح الياء و رفع الجبال و قرئ تسير من سارت (و ترى الأرض) و قرئ و ترى على البناء للمفعول (بارزة) ظاهرة ليس عليها جبل و لا غيره (وحشرناهم) السعداء و الأشقياء (فلم نغادر) نترك و قرئ بالياء (منهم أحدا) و يحشرون على حسب أعمالهم (و عرضوا على ربك صفا) مصطفين و يقال لهم (لقد جئتمونا) فرادى (كما خلقناكم أول مرة) حفاة عراة (بل زعمتم) أيها المكذبون بالبعث (أن لن نجعل لكم موعدا) و عد للبعث و النشور (ووضع الكتاب) صحائف الأعمال في أيمان المؤمنين وشمائل الكافرين (فترى المجرمين) أعداء الله (مشفقين) خائفين





    (مما فيه) من سيئاتهم الضمير للكتاب (و يقولون) حين يرون ذلك (يا ويلينا) يا هلكتنا (ما لهذا الكتاب) كتاب أعمالنا (لا يغادر) لا يترك (صغيرة و لا كبيرة) من الأعمال (إلا أحصاها) ضبطها (ووجدوا ما عملوا حاضرا) مكتوبا في صحفهم (و لا يظلم ربك أحدا) فلا يزيد عليه في سيئاته شيئا (وإذ قلنا للملائكة) عبادنا الكرام (اسجدوا لآدم) صفينا (فسجدوا) كما أمروا (إلا إبليس) المطرود (كان من الجن) لعنه الله (ففسق) خرج (عن أمر ربه) الذي هو السجود (أفتتخذونه) يا أولاد آدم و أبوكم (و ذريته) الخبيثة مثله (أولياء من دوني) تطيعونهم (و هم لكم عدو) و يكفيكم في ذلك إخراجكم من الجنة بإخراج أبيكم (بئس للظالمين بدلا) استبدالهم طاعة إبليس محل طاعة ربهم (ما أشهدتهم) أي إبليس و ذريته (خلق السموات و الأرض و لا ) أحضرتهم (خلق أنفسهم) خلق بعضهم بعضا ( وما كنت متخذ) وقرئ متخذا بالتنوين (المضلين) أي الشياطين (عضدا) أعوانا في الخلق فلماذا تطيعونهم ؟ وعضد بالإتباع وقرئ و ما كنت على أنه خطاب للنبي صلى الله عليه و سلم ( ويوم يقول) و قرئ بالنون (نادوا) معشر الكفار (شركائي) الأصنام (الذين زعمتم) أنهم شركائي يمنعونكم من عذابي (فدعوهم) نادوهم ليمنعوهم


    ( يستجيبوا فلم لهم) فلم يجيبوهم و لم يغيثوهم (وجعلنا بينهم) بين الأصنام وعبدتها (موبقا) مهلكا يشتركون فيه (و رأى المجرمون) الكافرون (النار) و شدة هولها (فظنوا) أيقنوا (أنهم مواقعوها) واقعون فيها (و لم يجدوا عنها مصرفا) موضعا ينصرفون إليه (و لقد صرفنا) بينا (في هذا القرآن) الذي هو النور المبين (للناس من كل مثل) ليتذكروا (و كان الإنسان) المعرض عن الله (أكثر شيء جدلا) مخاصمة بالباطل (و ما منع الناس) المتعنتين (أن يؤمنوا) يتحلوا بالإيمان (إذ جاءهم الهدى) الرسول العظيم (و يستغفروا ربهم) مما اقترفوه (إلا أن تأتيهم) إلا طلب و انتظار (سنة الأولين) و هو الإهلاك الحال بالمدبرين (أو يأتيهم العذاب قبلا) عيانا مشاهدة كما وقع لهم من خذل و قتل و أسر و قرئ قبلا بضمتين وقرئ بفتحتين (و ما نرسل المرسلين) من آدم إلي محمد (إلا مبشرين) بالجنة للمؤمنين (و منذرين) بالنار للكافرين (و يجادل) يحاجج (الذين كفروا بالباطل) فيقولون أبعث الله بشرا رسولا و لو شاء الله لأنزل ملائكة و نحوه (ليدحضوا به الحق) ليزيلوا الحق بالباطل (و اتخذوا آياتي) القرآن ( وما أنذروا) به من التخويف بالنار (هزوا) سخرية و استهزاء و قرئ هزأ بالسكون (ومن أظلم) لا أحد أظلم (ممن ذكر) و عظ (بآيات ربه) بالقرآن
    (فأعرض عنها) و لم يتذكر بها (و نسى ما قدمت يداه) من الأعمال السيئة (إنا جعلنا على قلوبهم) لإعراضهم عنا (أكنة) أغطية (أن يفقهوه) أن يفهموه و الضمير للقرآن (وفي آذانهم و قرا) عن سماعه بالقبول (و إن تدعهم إلي الهدى) إلي الإيمان بك و القرآن (فلن يهتدوا) إلي ذلك (إذ أبدا) على التحقيق (و ربك الغفور ذو الرحمة) الموصوف بها (لو يؤاخذهم) في دنياهم (بما كسبوا) من السيئات (لعجل لهم العذاب) فيها (بل لهم موعد) و هو يوم القيامة (لن يجدوا من دونه موئلا) منجا (و تلك القرى) قرى عاد و ثمود وغيرهم (أهلكناهم) دمرناهم (لما ظلموا) كفروا كقريش بالتكذيب ومن أدبر عن الله بالكلية (و جعلنا لمهلكهم) لهلاكهم و قرئ لمهلكهم بضم الميم (موعدا) وقتا لا يفوتونه (و إذ قال موسى) الكليم (لفتاه) يوشع بن نون ( لا أبرح) لا أزال أسير (حتى أبلغ) أصل (مجمع البحرين) ملتقى بحر فارس و الروم (أو أمضي حقبا) زمنا طويلا (فلما بلغا) موسى و فتاه (مجمع بينهما) الضمير للبحرين (نسيا حوتهما) نسى موسى طلبه و معرفة حاله و نسى يوشع أن يذكر له ما رأى من حياته و وقوعه في البحر (فاتخذ) الحوت (سبيله) طريقه (في البحر سربا) و في الحديث مرفوعا انجاب الماء عن مسلك الحوت فصارت كوة لم تلتئم

    (فلما جوزا) مجمع البحرين (قال) موسى (لفتاه) يوشع (آتنا غذاءنا) و كان ذلك وقت الغداء من اليوم الثاني (لقد لقينا) وجدنا (من سفرنا هذا نصبا) تعبا (قال) يوشع (أرأيت) ياموسى ما أصابني (إذ أوينا إلي الصخرة) التي عند مجمع البحرين (فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان) أي ما أنساني ذكره إلا الشيطان (أن أذكره) لك و قرئ أن أذكركه (و اتخذ سبيله) الحوت (في البحر عجبا) وفي البخاري عن ابن عباس أن الحوت إنما حي لأنه مسه ماء عين هناك تدعى عين الحياة نضح على الحوت من ذلك الماء فعاش (قال) موسى (ذلك) فقد الحوت (ما كنا نبغ) الذي كنا نطلبه فإنه العلامة لوجود حاجتنا (فارتدا) راجعين (على آثارهما) يتبعان آثارهما (قصصا) يقصانها قصصا (فوجدا عبدا) عند الصخرة و هو الخضر (من عبادنا) أي من عبادنا الخواص (آتيناه) و هبناه (رحمة من عندنا) فحليناه بالولاية الكبرى و أنزلناه في المنازل الفخرى (وعلمناه من لدنا علما) و هو علم الباطن القائل فيه صلى الله عليه وسلم علم الباطن سر من أسرار الله عز وجل و حكم من حكم الله يقذفه في قلوب من يشاء من عباده رواه الديلمي في الفردوس و تقريب القصة هو ما رواه البخاري في الحديث أن موسى قام خطيبا في بني إسرائيل فسئل أي الناس أعلم فقال أنا فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه فأوحى الله إليه أن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك قال موسى يارب فكيف لي به قال تأخذ معك حوتا فتجعله في مكتمل فكيفما فقدت الحوت فهو ثم فأخذ حوتا فجعله في مكتمل ثم انطلق و انطلق معه فتاه يوشع ابن نون حتى أتيا الصخرة و ضعا رؤوسهما فناما و اضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر فاتخذ سبيله في البحر سربا و أمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار مثل الطاق فلما استيقظ نسى صاحبه أن يخبره بالحوت فانطلقا بقية يومهما و ليلتهما حتى إذا كان من الغد قال موسى لفتاه آتنا غداءنا إلي قوله و اتخذ سبيله في البحر عجبا قال و كان للحوت سربا و لموسى و فتاه عجبا إلي آخره


    (قال له) أي للخضر (موسى هل أتبعك) بشرط (على أن تعلمن مما علمت رشدا) و قرئ بضم الراء و سكون الشين أي صوابا (قال) الخضر لموسى (إنك لن تسطيع معي صبرا) على ما تراه فإنك صاحب ظاهر شرع (و كيف تصبر على ما لم تحط به خبرا) و في الخبر ياموسى إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت و أنت على علم من الله علمك الله لا أعلمه (قال) موسى (ستجدني) ياخضر (إن شاء الله صابرا) على ما أراه منك و لو خالف ظاهر شرعي (و لا أعصي لك أمرا) أي و غير عاص لأمرك (قال) الخضر (فإن اتبعتني فلا تسألني) وقرئ بفتح اللام و تشديد النون (عن شيء) مخالف لعلمك (حتى أحدث لك منه ذكرا) حتى أخبرك به (فانطلقا) يسيران بساحل البحر لطلب السفينة (حتى إذا ركبا في السفينة) المارة بهما (خرقها) الخضر و قلع منها لوحين (قال) موسى له (أخرقتها لتغرق أهلها) و قرئ لتغرق مشداا (لقد جئت شيئا إمرا) فعلمت أمرا منكرا (قال) الخضر له حين أراه الماء لم يدخل في السفينة (ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا) ذكره بما قال له سابقا (قال) موسى (لا تؤاخذني بما نسيت) فإنما فعلته عن نسيان شرطك (و لا ترهقني) تكلفني (من أمري عسرا) مشقة و سامحني هذه المرة (فانطلقا) بعد الخروج من السفينة يسيران (حتى إذا لقيا غلاما) لم يبلغ الحنث و هو يلعب مع الصبيان


    (فقتله) الخضر لوى عنقه فكسره ورمى برأسه (قال) موسى (أقتلت نفسا زكيه) طاهرة لم تبلغ محل التكليف وقرئ زاكية (بغير نفس) أي لم تقتل نفسا (لقد جئت شيئا نكرا) منكرا وقرئ بضم الكاف (قال ألم أقل لك) زاد لك هنا مشافهة بالعتاب على لفظه للوصية (إنك لن تستطيع معي صبرا) كما ذكرت لك سابقا (قال) موسى (إن سألتك عن شيء بعدها) بعد هذه المرة (فلا تصاحبني) فلا تدعني أتبعك و قرئ فلا تصحبني (قد بلغت من لدني) وقرئ مخففا (عذرا) أي و جدت عذرا في فراقك لي (فانطلقا) يمشيان (حتى إذا أتيا أهل قرية) و هي إنطاكية (أستطعما أهلها) طلبا منهم طعاما يضيفونهما به (فأبوا أن يضيفونهما) امتنعوا من ضيافتهما (فوجدا) موسى و الخضر (فيها) الضمير للقرية (جدارا) طوله مائة ذراع في الهواء (يريد أن ينقض) يكاد أن يسقط و قرئ أن ينقص وأن ينقاص بصاد مهملة أي ينشق طولا (فأقامه) الخضر بأن مسح بيده عليه فقام الجدار (قال) موسى (لو شئت لتخت) و قرئ لاتخذت بالادغام (عليه أجرا) جعلا حيث امتنعوا من ضيافتنا و نحن محتاجون إلي ما نأكله (قال) الخضر له (هذا فراق) و قت الفراق (بيني و بينك) فلا تصاحبني (سأنبئك) أخبرك (بتأويل مالم تستطع عليه صبرا) من الأمور الباطنية و الأسرار المستكنة (أما السفينة فكانت لمساكين) لحاويج (يعملون في البحر) بها و يؤجرون لمعيشتهم و كسبهم (لإأردت أن أعيبها) أجعل بها عيبا (و كان وراءهم) خلفهم


    (ملك) كافر اسمه جلندي يرجعون عليه (يأخذ كل سفينة) معمورة وقرئ سفينة صالحة (غصبا) عن أهلها (و أما الغلام) الذي قتلته (فكان مؤمنين فخشينا) منه (أن يرهقهما) يغشيهما وقرئ فخاف ربك أن يرهقهما (طغيانا و كفرا) وفي الحديث قال صلى الله عليه و سلم : الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافرا و لو عاش لأرهق أبويه طغيانا و كفرا رواه مسلم و غيره (فأردنا أن يبدلهما) وقرئ مشددا (ربهما خيرا منه زكاة) أن يرزقهما ولدا صالحا (, أقرب رحما) أي و أقرب رحمة بهما منه وقرئ رحما بضم الحاء فعوضهما الله منه بنتا تزوجت بنبي فولدت نبيا وهدى الله به أمة من الأمم (و أما الجدار) الذي وجدته خربا فعمرته (فكان لغلامين) اسمهما أصرم و صريم (يتيمين في المدينة) مدينة إنطاكية ( وكان تحته كنز لهما) من ذهب و فضة روى ذلك مرفوعا (و كان أبوهما صالحا) و هو الجد السابع حفظا بصلاحه اسمه كاشح (فأراد ربك) بأمره لي في فعلي ذلك (أن يبلغا) الغلامان (أشدهما) رشدهما (و يستخرجا كنزهما رحمة من ربك) ذلك بهما (و ما فعلته) جميع الذي رأيته (عن أمري) بل أنا مأمور من حضرة الحق (ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا) و في قصتهما ما يفهم أهل الظاهر الكف عن أهل الباطن إذا رأوا منهم ما لايعقلونه وفي الحديث قال صلى الله عليه و سلم رحمة الله علينا و على موسى لو صبر لرأى من صاحبه العجب رواه أبو داود و غيره قال بعض العارفين أعد الخضر لموسى ألف مسألة نحو هذه المسائل الثلاث و مع ذلك قال له بعد أن أوقفه على ساحل البحر و أراه طيرا يأخذ من الماء بمنقاره و يشرب فقال الخضر له ما نقص علمي و علمك عن علم الله إلا كما نقص هذا الطير بمنقاره من البحر

    (و يسألونك) أيها النبي الكريم اليهود (عن ذي القرنين)الإسكندر الذي ملك الأرض العبد الصالح (قل سأتلوا) أقص (عليكم منه) من شأنه (ذكرا) نبأ (إنا مكنا له في الأرض) و يسرنا له المسير فيها كيف يشاء (و آتيناه من كل شيء) طلبه و قصده (سببا) طريقا أوصله أليه (فأتبع سببا) و ذلك أنه سار طالبا إلي المغرب (حتى إذا بلغ مغرب الشمس ) مكان غروبها (وجدها تغرب في عين حمئة) أي ذات حمأة أي طين أسود وقرئ حامية أي حارة (ووجد عندها) الضمير للعين (قوما) من الكفار لباسهم جلود الوحش و طعامهم ما لفظه البحر (قلنا ياذا القرنين) قال الله له مخيرا (إما أن تعذب) أي إما أن تقتلهم على كفرهم (وإما أن تتخذ فيهم حسنا) تأسرهم و تدعوهم إلي الايمان (قال) ذو القرنين(أما من ظلم) و أشرك (فسوف نعذبه) بالقتل (ثم يرد إلي ربه) بالبعث (فيعذبه) في الآخرة (عذابا نكرا) في ناره وقرئ بضمتين (و أم من آمن) بالله ورسله (وعمل صالحا) اجتهد في عمل الخير (فله) في الدارين (جزاء الحسنى) أما جزاء الدنيا فعدم عذابنا له وبقاؤه في نعمته و أما في الآخرة فبالجنة (و سنقول له من أمرنا) مما نأمره به (يسرا) سهلا يسيرا وقرئ بضمتين (ثم أتبع سببا) طلب طريقا يوصله إلي المشرق (حتى إذا بلغ مطلع الشمس) و قرئ بفتح اللام موضع طلوعها (وجدها تطلع على قوم) عراة (لم نجعل لهم من دونها) من دون الشمس


    (سترا) سقفا و لا لباسا فكانوا لا يبنون بناء و إنما لهم أسراب يغيبون فيها عند طلوع الشمس ويخرجون (كذلك) الأمر كما قلنا (و قد أحطنا بما لديه) من عدد وعدد (خبرا) علما (ثم أتبع سببا) طلب طريقا ثالثا بين المشرق و المغرب (حتى إذا بلغ بين السدين) جبلان بمنقطع بلاد الترك المبنى بينهما سده و قرئ بضم السين (وجد من دونهما) أي أمامهما (قوما لا يكادون يفقهون) يفهمون (قولا) يخاطبون به و قرئ يفقهون بضم الياء و كسر القاف (قالوا يا ذا القرنين) و في مصحف ابن مسعود قال الذين من دونهم (إن يأجوج و مأجوج) و هما قبيلتان من ولد يافث وفي الحديث قال صلى الله عليه و سلم يأجوج أمة لها أربعمائة أمير و كذلك مأجوج لا يموت أحدهم حتى ينظر إلي ألف فارس من ولده رواه الطبراني مطولا (مفسدون في الأرض) بالقتل و التخريب وحصاد الزرع بل حتى و أكل الناس (فهل نجعل لك خرجا) جعلا من المال و قرئ خراجا (على أن تجعل بيننا و بينهم سدا) فلا يخرجون إلينا و قرئ بضم السين (قال) الإسكندر (ما مكني فيه ربي) من المال و الملك (خير) مما تعطونيه (فأعينوني بقوة) أي بما أتقوى به من الآلات (أجعل بينكم و بينهم ردما) حاجز قويا (آتوني زبر الحديد) كل قطعة قدر الصخرة فأتوه بها فبناه بها (حتى إذا ساوى بين الصدفين) جانبي الجبل وقرئ بضم الحرفين وقرئ بضم الأول و سكون الثاني (قال) للعملة

    (انفخوا) في الأكوار و الحديد (حتى إذا جعله) الضمير للحديد (نارا) كالنار بالإحماء (قال آتوني أفرغ عليه قطرا) نحاسا مذابا فأتوه به فأفرغه عليه حتى صار كأنه قطعة و احدة (فما إسطاعوا) يأجوج و مأجوج و قرئ بقلب السين صادا (أن يظهروه) أي يرقوا عليه لارتفاعه وملاسته (وما استطاعوا له نقبا) خرقا لثخنه وصلابته (قال) ذو القرنين (هذا) أي السد و الإقدار على تسويته (رحمة من ربي) على العباد (فإذا جاء وعد ربي) الوقت الموعود فيه بخروجهم (جعله دكاء) أي مدكوكا مبسوطا (وكان وعد ربي حقا) بخروجهم (و تركنا بعضهم) أي الخلق (يومئذ) يوم خروجهم (يموج في بعض) يختلط (و نفخ في الصور) لقيام الساعة (فجمعناهم) الخلق من جن و إنس (جمعا) في موضع واحد (و عرضنا) أبرزنا (جهنم يومئذ للكافرين عرضا) ظاهرا مخفيا مهيلا (الذين كانت أعينهم في غطاء) غشاوة (عن ذكري) عن النظر في الآيات الموجبة لهم الإيمان (و كانوا لا يستطيعون سمعا) لكلامه لشدة بغضهم لنبيه (أفحسب الذين كفروا) ظنوا (أن يتخذوا عبادي) ملائكتي و المسيح و عزيرا (من دوني أولياء) معبودين أن ذلك لا يغضبني و لا يحل بهم عذابي (إنا أعتدنا) هيأنا (جهنم للكافرين نزلا) منزلا و مسكنا و مأوى (قل هل ننبئكم) نخبركم (بالأخسرين أعمالا) أشد الخلق خسرانا فيما عملوا (الذين ضل) بطل (سعيهم في الحياة الدنيا) بكفرهم و عجبهم بأنفسهم (و هم يحسبون) يظنون (أنهم يحسنون صنعا) عملا يجدون عليه جزاء وهكذا حال المغروورين المدبرين عن الله في كل زمان (أولئك الذين كفروا بآيات ربهم) القرآن (ولقائه) بالبعث وما يعقبه (فحبطت) ضاعت (أعمالهم) الخاسرة (فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا) لانجعل لهم قدرا فتوزن أعمالهم (ذلك) المذكور (جزاؤهم جهنم) دار غضبنا (بما كفروا) أي بكفرهم بنا (و اتخذوا آياتي ورسلي هزوا) أي استهزائهم بآياتي ورسلي (إن الذين آمنوا و عملوا
    الصالحات) لوجهنا (كانت لهم جنات الفردوس) وفي الحديث قال صلى الله عليه و سلم : الفردوس ربوة الجنة و أعلاه و أوسطها ومنها تفجر أنهار الجنة أخرجه الطبراني في الكبير (نزلا) منزلا (خالدين فيها) أحباب الله (لا يبغون) لا يطلبون (عنها حولا) تحولا إلي سواها (قل لو كان البحر) ماؤه (مدادا) يكتب به (لكلمات ربي) الدالة على عجائبه (لنفد البحر) بأسره في كتابه (قبل أن تنفذ كلمات ربي) لأنها لا تتناهى (و لو جئنا بمثله) سبع مرات (مددا) زيادة كما في قوله تعالى : ((والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفذت كلمات الله)) (قل إنما أنا بشر) آدمي


    (مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد) أي يوحى إلى وحدانية الإله (فمن كان يرجو) يؤمل (لقاء ربه) أي حسن لقائه (فليعمل عملا صالحا) يرضى به ربه ( ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) أي لا يرائي فيها و في الحديث عنه صلى الله عليه و سلم من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين رواه الحاكم و في رواية البيهقي في الشعب ما بينه و بين البيت العتيق و عند مسلم مرفوعا من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال و عند البيهقي في الشعب مرفوعا سورة الكهف تدعى في التوراة الحائلة تحول بين قارئها وبين النار أ.هـ.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 1:21 am